responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 72
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ الْمَيْدَانِيِّ أَنَّ الْمَاءَ الْمُتَغَيِّرَ بِكَثْرَةِ الْأَوْرَاقِ إنْ ظَهَرَ لَوْنُهَا فِي الْكَفِّ لَا يُتَوَضَّأُ بِهَا لَكِنْ يُشْرَبُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ بِالطَّبْخِ) أَيْ لَا يُتَوَضَّأُ بِمَا تَغَيَّرَ بِسَبَبِ الطَّبْخِ مِمَّا لَا يُقْصَدُ بِهِ الْمُبَالَغَةُ فِي التَّنْظِيفِ كَمَاءِ الْمَرَقِ وَالْبَاقِلَاءِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ بِمَاءٍ مُطْلَقٍ لِعَدَمِ تَبَادُرِهِ عِنْدَ إطْلَاقِ اسْمِ الْمَاءِ وَلَا نَعْنِي بِالْمُطْلَقِ إلَّا مَا يَتَبَادَرُ عِنْدَ إطْلَاقِهِ أَمَّا لَوْ كَانَتْ النَّظَافَةُ تُقْصَدُ بِهِ كَالسِّدْرِ وَالصَّابُونِ وَالْأُشْنَانِ يُطْبَخْ بِالْمَاءِ، فَإِنَّهُ يُتَوَضَّأُ بِهِ إلَّا إذَا خَرَجَ الْمَاءُ عَنْ طَبْعِهِ مِنْ الرِّقَّةِ وَالسَّيْلَانِ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ فِي التَّجْنِيسِ وَصَاحِبُ الْيَنَابِيعِ أَنَّ الْبَاقِلَاءَ أَوْ الْحِمَّصَ إذَا طُبِخَ إنْ كَانَ إذَا بُرِّدَ ثَخُنَ لَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَثْخُنُ وَرِقَّةُ الْمَاءِ بَاقِيَةٌ جَازَ لَيْسَ هُوَ الْمُخْتَارَ بَلْ هُوَ قَوْلُ النَّاطِفِيِّ مِنْ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ قَاضِي خان فِي فَتَاوِيهِ بِمَا لَفْظُهُ، وَلَوْ طُبِخَ الْحِمَّصُ وَالْبَاقِلَاءُ فِي الْمَاءِ وَرِيحُ الْبَاقِلَاءِ تُوجَدُ فِيهِ لَا يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِهِ، وَذَكَرَ النَّاطِفِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذَا لَمْ تَذْهَبْ عَنْهُ رِقَّةُ الْمَاءِ، وَلَمْ يُسْلَبْ عَنْهُ اسْمُ الْمَاءِ جَازَ الْوُضُوءُ بِهِ. اهـ.
وَبِمَا قَرَّرْنَاهُ أَيْضًا عُلِمَ أَنَّ الْمَاءَ الْمَطْبُوخَ بِشَيْءٍ لَا يُقْصَدُ بِهِ الْمُبَالَغَةُ فِي التَّنْظِيفِ يَصِيرُ مُقَيَّدًا سَوَاءٌ تَغَيَّرَ شَيْءٌ مِنْ أَوْصَافِهِ أَوْ لَمْ يَتَغَيَّرْ فَحِينَئِذٍ لَا يَنْبَغِي عَطْفُهُ فِي الْمُخْتَصَرِ عَلَى مَا تَغَيَّرَ بِكَثْرَةِ الْأَوْرَاقِ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَنَّهُ لَمَّا صَارَ مُقَيَّدًا فَقَدْ تَغَيَّرَ بِالطَّبْخِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ اُعْتُصِرَ مِنْ شَجَرٍ أَوْ ثَمَرٍ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ تَغَيَّرَ أَيْ لَا يُتَوَضَّأُ بِمَا اُعْتُصِرَ مِنْ شَجَرٍ كَالرِّيبَاسِ أَوْ ثَمَرٍ كَالْعِنَبِ لِأَنَّ هَذَا مَاءٌ مُقَيَّدٌ، وَلَيْسَ بِمُطْلَقٍ، فَلَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ مَنْقُولٌ إلَى التَّيَمُّمِ عِنْدَ فَقْدِ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ بِلَا وَاسِطَةٍ بَيْنَهُمَا، وَفِي ذِكْرِ الْعَصْرِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَا يَخْرُجُ مِنْ الشَّجَرِ بِلَا عَصْرٍ كَمَاءٍ يَسِيلُ مِنْ الْكَرَمِ يَجُوزُ بِهِ الْوُضُوءُ وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ لَكِنَّ الْمُصَرَّحَ بِهِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ قَاضِي خان فِي الْفَتَاوَى وَصَاحِبُ الْمُحِيطِ وَصَدَّرَ بِهِ فِي الْكَافِي وَذَكَرَ الْجَوَازَ بِصِيغَةِ قَبْلُ.
وَفِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي الْأَوْجَهُ عَدَمُ الْجَوَازِ، فَكَانَ هُوَ الْأَوْلَى لِمَا أَنَّهُ كَمُلَ امْتِزَاجُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْكَافِي فَمَا وَقَعَ فِي شَرْحِ الزَّيْلَعِيِّ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَكْمُلْ امْتِزَاجُهُ فَفِيهِ نَظَرٌ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْعُلَمَاءَ اتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ الْوُضُوءِ بِالْمَاءِ الْمُطْلَقِ وَعَلَى عَدَمِ جَوَازِهِ بِالْمَاءِ الْمُقَيَّدِ ثُمَّ الْمَاءُ إذَا اخْتَلَطَ بِهِ شَيْءٌ طَاهِرٌ لَا يَخْرُجُ عَنْ صِفَةِ الْإِطْلَاقِ إلَّا إذَا غَلَبَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ بَقِيَ الْكَلَامُ هُنَا فِي تَحْقِيقِ الْغَلَبَةِ بِمَاذَا تَكُونُ فَعِبَارَةُ الْقُدُورِيِّ، وَهِيَ قَوْلُهُ: وَتَجُوزُ الطَّهَارَةُ بِمَاءٍ خَالَطَهُ شَيْءٌ طَاهِرٌ فَغَيَّرَ أَحَدَ أَوْصَافِهِ كَعِبَارَةِ الْكَنْزِ وَالْمُخْتَارُ تُفِيدُ أَنَّ الْمُتَغَيِّرَ لَوْ كَانَ وَصْفَيْنِ لَا يَجُوزُ بِهِ الْوُضُوءُ وَعِبَارَةُ الْمَجْمَعِ، وَهِيَ قَوْلُهُ وَنُجِيزُهُ بِغَالِبٍ عَلَى طَاهِرٍ كَزَعْفَرَانٍ تَغَيَّرَ بِهِ بَعْضُ أَوْصَافِهِ تُفِيدُ أَنَّ الْمُتَغَيِّرَ لَوْ كَانَ وَصْفَيْنِ يَجُوزُ أَوْ كُلُّهَا لَا يَجُوزُ
وَفِي تَتِمَّةِ الْفَتَاوَى الْمَاءُ الْمُتَغَيِّرُ أَحَدُ أَوْصَافِهِ لَا يَجُوزُ بِهِ الْوُضُوءُ، وَفِي الْهِدَايَةِ وَالْغَلَبَةُ بِالْأَجْزَاءِ لَا بِتَغَيُّرِ اللَّوْنِ هُوَ الصَّحِيحُ وَقَدْ حُكِيَ خِلَافٌ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فَفِي الْمَجْمَعِ وَالْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ أَبَا يُوسُفَ يَعْتَبِرُ الْغَلَبَةَ بِالْأَجْزَاءِ وَمُحَمَّدٌ بِاللَّوْنِ، وَفِي الْمُحِيطِ عَكْسُهُ، وَالْأَصَحُّ مِنْ الْخِلَافِ الْأَوَّلُ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي الْإِسْبِيجَابِيُّ أَنَّ الْغَلَبَةَ تُعْتَبَرُ أَوَّلًا مِنْ حَيْثُ اللَّوْنُ ثُمَّ مِنْ حَيْثُ الطَّعْمُ ثُمَّ مِنْ حَيْثُ الْأَجْزَاءُ وَفِي الْيَنَابِيعِ لَوْ نُقِعَ الْحِمَّصُ وَالْبَاقِلَاءُ وَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ وَطَعْمُهُ وَرِيحُهُ يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ مَاءُ الصَّابُونِ إذَا كَانَ ثَخِينًا قَدْ غَلَبَ عَلَى الْمَاءِ لَا يُتَوَضَّأُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ رَقِيقًا يَجُوزُ وَكَذَا مَاءُ الْأُشْنَانِ ذَكَرَهُ فِي الْغَايَةِ وَفِيهِ إذَا كَانَ الطِّينُ غَالِبًا عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ رَقِيقًا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ وَصَرَّحَ فِي التَّجْنِيسِ بِأَنَّ مِنْ التَّفْرِيعِ عَلَى اعْتِبَارِ الْغَلَبَةِ بِالْأَجْزَاءِ قَوْلَ الْجُرْجَانِيِّ إذَا طُرِحَ الزَّاجُّ أَوْ الْعَفْصُ فِي الْمَاءِ جَازَ الْوُضُوءُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُنْقَشُ إذَا كُتِبَ بِهِ، فَإِنْ نُقِشَ لَا يَجُوزُ، وَالْمَاءُ هُوَ الْمَغْلُوبُ، وَهَكَذَا جَاءَ الِاخْتِلَافُ ظَاهِرًا فِي عِبَارَاتِهِمْ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّوْفِيقِ، فَنَقُولُ إنَّ التَّقْيِيدَ الْمُخْرِجَ عَنْ الْإِطْلَاقِ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ:
الْأَوَّلُ: كَمَالُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْوُضُوءُ بِالْمَاءِ وَلَوْ خَالَطَهُ شَيْءٌ طَاهِرٌ فَغَيَّرَ أَحَدَ أَوْصَافِهِ]
(قَوْلُهُ: فَحِينَئِذٍ لَا يَنْبَغِي عَطْفُهُ فِي الْمُخْتَصَرِ عَلَى مَا تَغَيَّرَ)
كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لَا يَنْبَغِي عَطْفُهُ عَلَى بِكَثْرَةِ الْأَوْرَاقِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ لَا مَا ذَكَرَهُ.

(قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَاعْتُصِرَ مِنْ شَجَرٍ أَوْ ثَمَرٍ) أَسْقَطَ مِنْ عِبَارَةِ الْمَتْنِ قَوْلَهُ بَعْدَ هَذَا أَوْ غَلَبَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ أَجْزَأَ فَكَانَ الْوَاجِبُ ذِكْرَ ذَلِكَ لَكِنَّهُ قَدْ وُجِدَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ التَّوْفِيقِ فَنَقُولُ إلَى آخِرِ كَلَامِهِ) أَقُولُ: حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ هُنَا وَأَطَالَ بِهِ هُوَ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ عَلَاءُ الدِّينِ الْحَصْكَفِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى التَّنْوِيرِ بِعِبَارَةٍ وَجِيزَةٍ وَلِلَّهِ دَرُّهُ حَيْثُ قَالَ الْغَلَبَةُ إمَّا بِكَمَالِ الِامْتِزَاجِ بِتَشَرُّبِ نَبَاتٍ أَوْ بِطَبْخٍ بِمَا لَا يُقْصَدُ بِهِ التَّنْظِيفُ وَإِمَّا بِغَلَبَةِ الْمُخَالِطِ فَلَوْ جَامِدًا فَبِثَخَانَةٍ مَا لَمْ يَزُلْ الِاسْمُ كَنَبِيذِ تَمْرٍ وَلَوْ مَائِعًا فَلَوْ مُبَايِنًا لِأَوْصَافِهِ فَبِتَغَيُّرِ أَكْثَرِهَا أَوْ مُوَافِقًا كَلَبَنٍ فَبِأَحَدِهَا أَوْ مُمَاثِلًا كَمُسْتَعْمَلٍ فَبِالْأَجْزَاءِ، فَإِنَّ الْمُطْلَقَ أَكْثَرُ مِنْ النِّصْفِ جَازَ التَّطْهِيرُ بِالْكُلِّ، وَإِلَّا لَا، وَهَذَا يَعُمُّ لِيَلْقَى وَلِيُلَاقِيَ فَفِي الْفَسَاقِي يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ مَا لَمْ يُعْلَمْ بِتَسَاوِي الْمُسْتَعْمَلِ عَلَى مَا حَقَّقَهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ وَالْمِنَحِ قُلْت لَكِنَّ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي شَرْحِهِ لِلْوَهْبَانِيَّةِ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَرَاجِعْهُ مُتَأَمِّلًا اهـ.
وَكَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى ضَعْفِ مَا فِي الشرنبلالية مِنْ الْفَرْقِ وَسَتَطَّلِعُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى حَقِيقَةِ الْحَالِ بِعَوْنِ الْمَلِكِ الْمُتَعَالِ هَذَا
وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْوَجْهُ أَنْ يَخْرُجَ

اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 72
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست